samedi 2 juin 2007

محمد عبد العظيم اسرائيل والقنبله النوويه الوجه الخفى للسياسةالامريكيه


.
.
Go to Mohamed Abdel Azim web site ... clic here
.


محمد عبد العظيم

اسرائيل والقنبله النوويه الوجه الخفى للسياسةالامريكيه

Al-quds Al-Arabi, 12 septembre 2006

صدر مؤخرًا عن دار النشر الفرنسيه Harmattan كتاب بعنوان إسرائيل والقنبله النوويه الوجه الخفي للسياسة الامريكية. الكتاب من تاليف الاعلامي المصري محمد عبد العظيم المقيم بفرنسا والحاصل علي دكتوراه في العلوم السياسية. الكتاب ياخذ نا في رحلة تاريخية داخل ممرات البيت الابيض والاستخبارات الامريكية خلال سنوات ايزنهاور وكينيدي ثم جونسون. هذه الفترة التي يطلق عليها الكاتب إسم العشر سنوات الحرجة هي الفتره التي تم خلالها بناء مفاعل ديمونه النووى. ويقوم الكاتب بتتبع حرب العدوان الثلاثي عام 1956 ثم حرب الايام السته في 1967 وينتهي الكتاب مع أحداث حرب اكتوبر1973 ليروي كيف تم تفادي صدام نووي مسلح بين امريكا والاتحاد السوفييتي أثناء الحرب.

الكتاب يتطرق لفترات الصراع ويظهر ميلاد مشروع بناء المفاعل الإسرائيلى وعلاقته بالعدوان الثلاثي عام 1956 ثم الدور الذي لعبه هذا المفاعل النووي في إندلاع الحرب عام 1967 و دور الاسلحة النووية الاسرائيلية في دافعية السياسة المصرية وراء كسر حاجز الردع الاسرائيلي قبل الحرب فى مايو أيار عام 1967 واثناء حرب الاستنزاف عام 1969 ثم الأحداث إثر حرب عام 1973 والتي ينشرعنها الكاتب ولاول مره وثائق رسمية عن كواليس البيت الابيض و موسكو مرورا بتل ابيب والقاهره والتهديدات الإسرائيليه بإستخدام الرءوس النوويه للضغط على واشنطن والحصول على المساعدة العسكرية الأمريكية إثر الخسائر الفادحة التى تكبدتها القوات الإ سرائيلية خلال الأيام الثلاثة الأولى. ويروى الإعلامى فى كتابه اللحظات الحرجة بين موسكو و واشنطن أثناء الحرب والأزمة التى كادت أن تحول الحرب إلي صدام نووى بين امريكا والاتحاد السوفييتي على أرض مصر.

يعد هذا الكتاب الأول من نوعه الذي يصدر باللغه الفرنسية ليتحدث عن التابو وعن أحد الموضوعات الاكثر غموضا والاكثر صعوبة للبحث علي المستويين الإعلامى والعلمى سواءًا فى فرنسا أو فى أمريكا. وذلك لأن الاسلحة النووية الاسرائيليه هي احد المواضيع التي تعتبر في منطقة المحظورات سياسيا و عسكريا وخاصة فى الوقت الراهن إذ ماتزال مسألة البرنامج النووى الإيرانى تؤرق واشنطن وإسرائيل.

السؤال الذى لايحير أحد

فيما عدا السؤال الخاص بما إذا كانت سياسة الغموض النوويه التى تتبعها إسرائيل هى سياسه سيئة أم جيدة لتخدم أمن الدولة العبرية فإن السؤال الذى قد يطرحه الكثيرون هو: هل تمتلك فعلا إسرائيل السلاح النووى؟ الإجابه بالطبع نعم. ولكن إذا سألت أحد المسؤولين فى إسرائيل فلن تجد إجابة قاطعة على هذا السؤال. لأن المقولة الجارية فى إسرائيل تقول إن الإجابه بنعم على هذا السؤال لاتخص إلا المصادر الأجنبية. فحسب هذه المصادر فإن إسرائيل هى سادس قوه نوويه منذ خمسينات القرن الماضى. حينها كانت الولايات المتحده الأمريكيه والإتحاد السوفييتى بالإضافه إلى إنجلترا وفرنسا كان الجميع منهمكبن إما فى دوامة الحصول على الأسلحة النووية أو لإختبارها أوتطويرها. فمن من بين هؤلاء كان يستطيع آنذاك نصيحة أوالتصدى لرغبة إسرائيل فى الحصول على نفس الأسلحة ؟ السؤال الأخر الذى قد لانجد الإجابه عليه هو عن تجاهل واشنطن ومنذ الستينات لمايطلق عليه خيار سامسون (هكذا يسمى خيارإسرائيل النووى). فإذا كان إنتاج الأسلحه النوويه الإسرائيليه قد بدأ فى عام 1967 فلقد إنتظرت واشنطن والعالم كله عشرين عاما حتى يأتى موردخاى فعنونو بالدليل عام 1986.

ومنذ عشرات السنين والجميع يتحدث عن غموض إسرائيل فى المجال النووى ونضع جانبََا الغموض الذى أجبرت واشنطن نفسها عليه. علما بأن الموقف الأمريكى فى هذا المضمار هو لايقل غموضًا. ففى مجال الإنتشار النووى لاتستطع واشنطن نفى سياستها والتى إتسمت بالعين المغمضه لكى تتيح للهند وإسرائيل بالمضى قدمََََا والحصول على التقنيات الازمه للبرنامج النووى لكل منهما. فالهند مثلا صارت قوة نووية دون أن تعترض واشنطن يوما على ذلك لأن المصلحه كانت فى رغبة أمريكا الرأسماليه أن يكون لها حليف قوى يقف أمام المارد الأصفر للصين الشيوعية. فهل كانت واشنطن تأخذ فى عين الإعتبار رغبة باكستان فى الرد على طموحات الهند بنفس الطموح النووى؟ ناهيك عن كوريا الشمالية فى السنوات الأخيره ثم إيران فى الوقت الراهن

.

الفصل المحذوف من كتاب التاريخ

رغم أن مسألة الأسلحة النووية الإسرائيلية هى شبه غائبة حين نتحدث عن تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي

إلا أنه لايمكن إستيعاب هذا الصراع والحديث عنه بعيدا عن الجانب النووي. والسبب فى ذلك هو أن كل الحروب والصراعات على المستوى الإقليمي والدولى صارت بالأسلحة التقليدية منذ قنبلة هيروشيما إبان الحرب العالمية الثانية. هذا بالإضافة إلى الغموض الذى يوجد حول الأسلحة النووية الإسرائيلية. فاذا كان تاريخ المنطقة هو عباره عن كتاب فإن الفصل الخاص بالترسانة النووية الاسرائيلية هو الفصل الاكثر أهمية فيه و لكنه ورغم ذلك هو الفصل الذي تم حذفه إراديا من هذا الكتاب. ولذلك فان هذا الفصل الغائب من التاريخ الرسمي دوليا يحتاج البحث والدراسة لانه لم ينل الاهتمام العلمي الكافي بسبب صعوبة البحث فيه. فإن أردنا مثالا علي ذلك يكفي الإطلاع علي الوثائق الرسمية الموجوده لدي هيئة الارشيف القومي للولايات المتحدة الامريكية National Security Archive حيث ماتبقي من وثائق غالبيتها إما ممحاة او تم طمسها بلون أسود ولم يتبقي منها إلا البديهي والذي لايفيد الباحث في هذا المجال. والكتاب ملىء بالأ مثلة على ذلك.

خلال خمس سنوات من العمل الاعلامي والبحث العلمى إستند الكاتب الي كم هائل من الوثائق الرسمية الامريكية بعيدا عن التشويش والتاثير الموجود حول هذه المسالة. ولذلك فإن الكتاب هو عباره عن قراءة تاريخية ترتكز علي ماقام به العلماء الاسرائيليون مثل إرنست برجمان Ernest Bergmann منذ مؤتمر جنيف عام 1955 والمساعدة العلمية التي تم الحصول عليها من امريكا ثم الساسه الإسرائيليون مثل شيمون بيريز و المساعدة الفرنسية التى حصل عليها لبناء مفاعل ديمونه.

المارد الذى طال نومه

" أنا لآأعرف لماذا يأتى وماذا يريد هنا" صرح رئيس الوزراء الإسرائيلى أرييل شارون إثر وصول المدير العام لهيئة الطاقه الذريه محمد البرادعى إلى إسرائيل فى يوليه تموز عام 2004. "إن إسرائيل مضطره لحيازة كل مكونات القوه التى تلزمها للدفاع عن نفسها" وأضاف شارون قائلا إن "سياسة الغموض فيما يخص النووى والتى إتبعناها أثبتت نفسها ولذلك سوف نحتفظ بها". إن سر مايحدث فى بطن مفاعل ديمونه هو من أحد الأسرار الأكثر حفظا رغم أن ذلك لم يعد سرًا على أحد. فقد تم بناء هذا المفاعل فى الخمسينات بمساعدة شركة سان جوبان الفرنسيه Saint Gobin Nouvelles Technologies هذه الشركة الفرنسية هى التى قامت ببناء مفاعل ماركول Marcoule فى جنوب فرنسا. وقد بدأ المفاعل فى إنتاج الأسلحة النووية بضعة أيام قبل حرب عام 1967.

والجدير بالذكر هو ان أمر المفاعل أرق الكثيرون أثناء بناءه وحتى الإنتهاء من بناءه. إلا أن هذا الأمر إختفى من الطرقات بوصول جولدا مائير وأثناء إدارة الرئيس نيكسون. وحينها طفت مياه فضيحة ووتر جيت Water Gate وأغرقت كل الملفات الأخرى ومن بينها ملف ديمونه تحت طوفانها.

ولم يفق هذا الملف من الغيبوبه التى أراد الإسرائيليون إصابته بها إلا عندما خطف موردخاى فعنونو Mordechai Vanunu وهو أحد عمال المفاعل مفتاح السر. وفتح حينها فعنونو باب الغول فى غيبوبته وإلتقط له بعض الصور عام 1986. ومنذ ذلك الوقت يتم إيقاذ المارد من حين إلى حين إما على صفحات الجرائد أو فى برامج التلفاز هنا وهناك. إلا أن الإسرائيليين أنفسهم يتجاهلون مايسمونه بالمعلومات الغير صحيحه التى تأتى بها وسائل الإعلام التى غالبْا ماتكون موصوفه بال "أجنبيه".

كل ذلك ولم تقل إسرائيل أبدا يوما ما رسميا ماإذا كان لديها أسلحة نووية أم لا. ولكن إسرائيل لم تلمس الحاجة ولم يكن لديها الرغبة السياسية لكى تقول وبصورة رسمية ما إذا كانت فى حيازتها هذه الأسلحه. ولذلك أسباب متعددة منها الخوف من قطع المساعدات الأمريكبه والهروب من توقيع معاهدة الحد من إنتشار الأسلحة النووية NPT منذ عام 1968. وتركت إسرائيل الباب مفتوحا أمام التخمين. وصار الأمر وكأن إسرائيل أرادت وبصورة غير مباشرة أن يعلم العالم كله أن لديها الأسلحة النووية وأنها قد تستخدمها إن إحتاج الأمر ذلك

.

الولايات المتحده تحبذ إنتشار الأسلحة النووية

تهتم الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ خطة باروش Baruch Plan التى تم تقديمها أمام الأمم المتحدة عام 1946 بالتصدى لإنتشار الأسلحة النووية. ومنذها حاولت واشنطن وضع معيار دولى للحيلولة ضد إنتشار السلاح النووى. ولكن هذه الرغبة لم تصاحبها سياسة جادة منطقية وواضحة منذ ستينات القرن الماضى. إذ لم تساعد أى سياسة فى حل المشكلة جذريا. فلاسياسة إيزنهاور التى رفعت شعار الذره للسلام Atoms for Peace ولا تلك التى إتبعها الرئيس كينيدى ضد الإنتشار النووى ولا حتى سياسة الرئيس جونسون التى أدت إلى معاهدة الحد من إنتشار الأسلحه النوويه Non Proliferation Teaty وضعت حلا للمسألة. ففى الستينات كان هناك أربعة دول نووية (أمريكا والإتحاد السوفييتى والمملكه المتحده وفرنسا) وفى هذا الوقت بدأت الصين بالإنضمام إلى نادى القوى عام 1964. وكان السؤال المطروح حينها كيف يمكن لواشنطن وقف الانتشار النووى. ولم تجد أمريكا الوسيلة الملائمة إلا فى مساعدة الهند فى برنامجها النووى. فبين الهند واليابان وباكستان كانت الهند هى التى المرشحة والتى أختيرت لأنها كانت الطريق الأقرب. فحسب تقريرات الوثائق الرسمية ومنها تقرير ماك جيه McGhee المكتوب فى الثالث عشر من أيلول سبتمبر عام 1961 نرى أن واشنطن تحبذ أن تكون الهند وليس الصين كقوة نووية فى المنطقة. ولكن باكستان وبعد سنوات صارت هى الأخرى قوة نووية ثم تبعتها كوريا الشمالية والبقية تأتى.

متى بدأت القصة ؟

يتطرق الكتاب إلى تاريخ بناء المفاعل فى جنوب صحراء النقب إثر اتفاق قام به شيمون بيريز وجولدا مائير في اليوم التالي لنهاية الحرب عام 1956. ويروى الكاتب الأحداث قبل بداية العدوان الثلاثى على مصر إثر تأميم قناة السويس حيث جلبت خلالها إنجلترا وفرنسا قدم إسرائيل للإشتراك فى الحرب لتأمين منطقه القناة. ويروى الكاتب أيضا النتائج المترتبة على هذه الحرب إثر تنفيذ خطة إحتلال إسرائيل لسيناء ومدن القناة ثم رغبة أرييل شارون حينها للتوجه بجيوشه إلى القاهره. ويتطرق الكاتب الى لعبة سياسة التهديدات آنذاك حيث هدد الإتحاد السوفييتى بقصف كل من تل أبيب ولندن وباريس إن لم تنسحب القوات الإسرائيلية من سيناء. وماتلى هذه العاصفة السوفييتية بالضغط الذى لم يسبق له مثيل من جهة واشنطن على إسرائيل حيث طلب الرئيس الأمريكى إيزنهاور من تل أبيب الإنسحاب الفورى والغير المشروط من منطقة قناة السويس. وهنا بدأت الرغبة الحقيقية لدى بنجوريون للحصول على السلاح النووى.

والجديد فى هذا الكتاب هو أن السلاح النووى الإسرائيلى ولد نتيجة الرغبه لدى الإسرائيليين بردع الإتحاد السوفييتى وليس بالرغبة فى ردع العرب. وصار بديهيًا لدى تل أبيب أن السلاح النووى بين أيديهم سوف يمنع موسكو من التدخل أو الضغط عليها فى أزمة أو حرب مستقبلية مع مصر. وجاء حين ذلك وقت إنتهاء الهيمنه التاريخيه لفرنسا وإنجلترا كقوي عظمى والتنحى نهاءيا من المنطقه ليتركا المكان شاغرًا لكل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى. وعلى إثر الحرب تم الإتفاق مع الحكومة الفرنسية لمساعدة إسرائيل في بناء مفاعل ديمونه مقابل الإنسحاب من سيناء

.

سر المفاعل محفوظ فى مثلث

بقراءة تاريخ هذه الفتره نري ان مثلث برجمان و بيريز مع بنجوريون إستطاع حفظ السر علي مدي سنوات. وبالاضافة الي السر المحفوظ لدي رئيس الوزراء بنجوريون فإن ثلاثة إدارات امريكية فشلت في ايقاف بناء المفاعل. فسياسة الولايات المتحدة الأمريكية خلال إدارة الرئيس ايزنهاور خدمت رغبة الاسرائيليين في بناء مفاعل ديمونه. هذه الفتره ومايليها وخاصة السنوات مابين 1958 و 1960 هي التي فشلت فيها الاستخبارات الامريكية في حل لغز ديمونه. ولذلك فان مدير وكالة الطاقة الذرية الامريكية اليكس ماك كون Alex McCone عندما علم بالكذبة الاسرائيلية في نهاية عام 1960 إستقال من منصبه خلال أحد اللقاءات علي قناة CBS الامريكية . إن مفاعل ديمونه كان موضع تساؤلات لدى إدارة ايزنهاور. ولقد دأب الإسرائيليون على إخفاء مايجرى فى ديمونه حيث كان المفاعل يوصف بانه ورشة لمنتوجات زراعيه تارة ومصنع للمنسوجات تارة أخرى مرورًا بأنه مصنع لإ نتاج الحديد والصلب. وفى نهاية عام 1960 صار أمر المفاعل موضوع الساعة فى الصحف الامريكية والبريطانية على السواء. لذلك إضطر بنجوريون الاعتراف أمام الكنيست فى ديسمبر كانون الأول من عام 1960 بأن ديمونه هو بالفعل مفاعل نووى.


سلام كينيدى يرفضه عبد الناصر

صار أمر المفاعل منذ ذلك الحين معروفًا ولكن بأنه مفاعل نووى لإنتاج الطاقة الكهربائية. ورغم ذلك فإن الإسرائيليين طلبوا من واشنطن أن يبقى أمر ديمونه بعيدا عن التفتيش الدولى. إلا أن ادارة الرئيس كينيدى حاولت القيام بالتفتيش مما ادى الى تأزم الأمور بين بنجوريون و كينيدى. وحتي الرغبه الملحة لدي الرئيس كينيدي وسياسته المناهضة لنشر الاسلحه النوويه لم تستطع الحد من رغبة اسرائيل في الحصول علي السلاح النووي. إن الرئيس كينيدى كان الأكثر رغبة فى ايجاد حل للصراع العربى الاسرائيلى. فلقد حاول تهدئة مخاوف الرئيس المصرى جمال عبد الناصرالذى بدأ فى إثارة الشكوك حول مايحدث فى ديمونه. كان لدى الرئيس كينيدى رغبة فى إحلال السلام فى المنطقه ولذلك أرسل مندوبه الخاص ماك كلوي McCloy إلى المنطقه عام 1963. وقد طرح الرئيس كينيدى فكرة السلام كمبدأ للتداول يتم بناءه أولآ وقبل كل شيء على مبدأ وقف سباق التسلح لدى مصر وإسرائيل. إلا أن جمال عبد الناصر رفض الفكرة معتبرًا أن ذلك تدخل فى شؤون مصر العسكريه وأن هناك اأيدى إسرائيلية وراء هذا العرض. وقد أدى موقف القاهره إلى فشل مهمة McCloy. إلا أن فشل مهمة لجنة ماك كلوى لم تثنى رغبة الرئيس كينيدى فى معرفة مايجرى فى ديمونه. وقد قام كينيدى بالضغط على إسرائيل بصورة لم يسبق لها مثيل. وكادت ضغوط الرئيس كينيدى أن تشبه الإنذار تجاه تل أبيب حيث نوه كينيدى حينها الى الحكومه الاسرائيلية بأن العلاقات بين البلدين قد يتم خدشها إن لم تقبل اسرائيل المطالب الامريكية بزيارة وتفتيش المفاعل. ولكن إغتيال الرئيس كينيدى نهاية عام 1963 وضع حد للضغوط الامريكيه.

ديمونه سبب الحرب

خلال سنوات كينيدي ومن بعدهاسنوات جونسون قام المفتشون الامريكيون بزيارة مفاعل ديمونه دون نتيجة. ورغم المعلومات المتوفرة والشك الذى يدور حول ما يحدث داخل المفاعل إلا أن الرئيس جونسون لم يظهر الاهتمام به مما أثارالاندهاش لدي بعض أعضاء الاستخبارات الامريكية من موقف الرئيس جونسون تجاه ماكان معروف عن المفاعل آنذاك. وفى عام 1967 بدأ المفاعل دخول مرحلة الإنتاج وتم تصنيع أول قنبلة نووية إسرائيلية قبل إندلاع الحرب ببضعة أيام. فإن كانت واشنطن لم تكن على علم بما يحدث فى ديمونه فإن ذلك لم يخفى عن عيون القاهره. ولقد أرسل آنذاك الرئيس جمال عبد الناصر طائرات الاستطلاع فوق منطقة المفاعل خلال شهر مايو آيار عام 1967. وكانت نتيجة ذلك أن بدأت حينها مشاعر الخوف داخل إسرائيل ووصل الامر الى أن جنرالات الجيش الاسرائيلى وعلى رأسهم أرييل شارون فى التفكير بإرغام الحكومة الاسرائيلية على شن الحرب ضد الجيش المصرى. إلا أن حرب الأيام السته إندلعت وغيرت وجه المنطقة. وصارت إسرائيل منذ نهاية حرب عام 1967 وهزيمة مصر متأكده من هيمنتها فى المنطقة وأن سياسة الردع تجاه جيرانها العرب صارت ناجحه دون أدنى شك.

فشل الردع

من الجدير بالذكرأن سياسة الردع الإسرائيليه تقوم على مفاهيم نظريات الردع العقلاني Rational Deterrence Theories المتعارف عليها في مجال الدراسات الاستراتيجيه. وحسب مفاهيم هذه النظريه فإن الاقوى ( القوه النوويه) يكفى لها تهديد الخصم الضعيف لكى تأمن من أن يقوم هذا الخصم بالهجوم عليها. وبذلك فإنه حسب المنطق الذي تقوم عليه هذه النظريه فإن التهديد وحده والذى يقوم به الأقوى هو كاف لكى يحبط أى عزيمه لدى الخصم الضعيف. ولكن سيا سة الردع الإسرائيليه وجدت نفسها ومنذ البدايه أمام خصوم لايردعون ولاينصاعون لمنطق الردع العقلآنى. هؤلآء الساسه أو القيادات العسكريه رغم أنهم لايأخذون قراراتهم حسب منطق العقلانيه البحته إلا أنهم هم أيضا عقلانيون ويأخذون قراراتهم حسب مبدأ عقلانية القيم. وهذا ماحدث وأدى إلى إتخاذ قرارات الحروب.

و ماحدث قبل حرب 1967 واثناء حرب الاستنزاف فى عام 1969-1970 ثم حرب اكتوبر عام 1973 هز مفاهيم هذه النظريه دوليا وخاصة فيما يختص بالحاله الاسرائيليه لأن هذه السياسه الردعيه تم بنائها على مبدأ الغموض النووى. وما حدث عام 1991 عندما أرسل صدام حسين الصواريخ على تل أبيب ثم ما حدث أثناء الحرب الاسرائيليه الاخيره فى جنوب لبنان وضرب المدن الاسرائيليه بصواريخ حزب الله ماهى إلاأ مثله واضحه على فشل إسرائيل فى سياستها الهادفه الى ردع العرب بالسلاح النووى. ولذلك فإن فشل الردع الإسرائيلى هو ماأدى إلى قبول الطرفين المصرى والإسرائيلى بإتباع طريق السلام. فمن جهه أعطى هذا الفشل الثقه للمصريين ومن جهة أخرى كسر هذا الفشل رؤية إسرائيل لنفسها كقوه لايمكن التعدى عليها

.

الردع العقلآني واللا مردوعون

منذ عام 1963 وقد بنى الاستراجيون الاسرائيليون سياستهم النوويه على الغموض وعدم الاعتراف رسميًا بحيازة الاسلحه النوويه. هذه السياسه تقوم على المقوله المعروفه بالغموض والتى تقول إن إسرائيل لن تكون أول دوله تقوم بإدخال الأسلحه النوويه فى المنطقه. هذه الجمله التى طمن بها شيمون بيريز الرئيس الأمريكى كينيدى صارت الخط الذى أدرجت عليه كل التصريحات الرسميه لجميع الحكومات الإسرائيليه منذ ذلك الحين. إلا أن إسرائيل لم توضح ماذا تعنى بكلمة إدخال.

وعلى المستوى النظرى ومن وجهة النظر العملية فإن إسرائيل تتبع النمط الفرنسى القائم على أسس دفاعية بالردع العقلانى للخصم. هذا المذهب رغم مايشوبه من عيوب قد يمكن تطبيقه نظريا على القوى النوويه التى لاتخفى أسلحتها النوويه كما تفعل إسرائيل. وبالاضافه الى أن إسرائيل تفتقد عنصر العمق الاستراتيجى خلافا عن باقى القوى النوويو الاخرى فإنها أيضا تنفرد بعنصر الغموض ولا تعترف رسميا بحيازتها لهذه الأسلحه. وهذا مايؤثر سلبيا وبصورة واضحه على مصداقية العصى النوويه التى تمتلكها الدولة العبرية. أما من وجهة النظر العقلانية البحته فإن المعادلة غير منطقيه. فكيف يمكن لخصم إهتم باثارة الشك حول ترسانتة النووية أن يصدق فى منطق الردع مع استمرار وضع هذه الترسانة فى منطقة الغموض الذى لايتماشى مع مفاهيم النظرية القائمة على الحسابات الد قيقة وبديهيات الوضوح فى تنفيذ التهديد بأستخدام عصاها النووية ضد من يتجرأ فى الهجوم عليها.

فشل الردع الإسرائيلى إلى متى ؟

إذا أردنا أن نرى مدى نجاح سياسة الردع النووى الإسرائيلى فعلينا الرجوع للوراء. لأن الدراسة الدقيقة لتاريخ الصراعات والحروب مليئه بالأمثله التى تثبت فشل مفهوم الردع عموما. وفشل هذه السياسة بات واضحْا إذا مابنى على غموض كما تفعل إسرائيل. ولذلك فإن الحروب التى إندلعت منذ عام 1956 ماهى إلا مثل على فشل إسرائيل فى إحباط عزيمة جيرانها العرب. والقراءة الدقيقة لأحداث ماقبل كل حرب وخاصة حرب أكتوبر عام 1973 هى دليل على صدق هذه الأطروحة. وعلى ذلك فإن تهديدات إسرائيل بضرب بغداد عام 1991 لم تمنع صدام حسين من إرسال 36 صاروخا على المدن الإسرائيلية. وأخيرا فإن الترسانه الإسرائيليه والتهديدات ضد حزب الله لم تمنع نصر الله خلال الحرب فى تموز 2006 من إرسال مايقرب من 4000 صاروخ على مدن إسرائيل.

" اللحظه الأكثر ألما فى حياتى هى يوم أن إكتشفت أن الحسابات هى أقوى من التاريخ والجغرافيا الإسرائيلية" ..." لقد إكتشفت أنه إذا حاولنا الإحتفاظ بالأرض فمن الآن وحتى عام 2020 سيصير العرب ستون بالمئة ويكون اليهود أربعون بالمئة" قال إيهود أولمرت قبل إنتخابه رئيسا للوزراء. الدوله العبرية مازالت دون حدود شرقية حتى الآن. ولذلك فإن أولمرت هو أول رئيس وزراء يريد وضع حدود نهائية لإسرائيل. فمنذ تقسيم فلسطين عام 1948 هذه هى المرة الأولى التى ينشغل بها رئيس وزراء إسرائيلى وبشكل واضح بهذا الشأن. علما بأن البيئة الأستراتيجية الحاليه تختلف جذريا عن الماضى.

فإن كانت إسرائيل قد بنت مفاهيمها الردعية بالحصول على الأسلحة النووية فى خمسينات القرن الماضى فهى الآن أمام تغيرات جذرية فى البيئة الإستراتيجية الجديده التى تفرض نفسها فى ظل المتغيرات التى طرأت وتطرأ على المنطقة. فمنذ إحتلال العراق ورغبة إيران الملحه فى الحصول على السلاح النووى فإن دائرة الصراع قد إنفرجت خاصة وان هناك رغبة لدى موسكو للعودة إلى دائرة التأثير على الساحة السياسية فى المنطقة. ثم أن ماحدث من فشل للجيش الإسرائيلى فى جنوب لبنان أمام مقاتلى حزب الله أظهر نقاط ضعف لم تكن مسبقْا فى الحسبان على المستويين السياسى والأمنى الإسرائيليين. وصارت أسطورة الجيش الذى لايقهر والتى إهتزت إثر حرب عام 1973 صارت مهزوزة وبلا رجعه. فإذا ماأخذنا فى الحسبان ما أصيبت به سياسة بوش فى السنوات الاخيره من فقدان مصداقيتها وعجزها عن إيجاد الإستقرار فى العراق وإذا ماأخذنا التخبط الذى تظهره الإدارة الأمريكية فى رؤيتها لمستقبل المنطقة بين شرق أوسط كبير تارة و شرق أوسط جديد تارة أخرى فإن السؤال الذى يطرح نفسه الآن هو : ماهو مستقبل سياسة الغموض النووى الإسرائيليه

؟

د/ محمد عبد العظيم إعلامى مصرى مقيم فى فرنسا

دكتوراه فى العلوم السياسيه

Mohamed Abdel Azim, Israël et la bombe atomique, la face cacheé de la politique américaine, Paris, l’Harmattan, september 2006, 221 pages.

Aucun commentaire: