jeudi 24 mai 2007

صراع الاستراتيجيات في منطقة آسيا الوسط


Go to Mohamed Abdel Azim web site ... clic here


Al quds Al Arabi/ 11 avril 2007

الانتشار العسكري الامريكي وآفاق الصراع السياسي داخل دول آسيا الوسطي

صراع الاستراتيجيات في منطقة آسيا الوسطي
د. نور الدين جبنون

كرّس انهيار الاتحاد السوفييتي كقوة عظمي في اواخر سنة 1991، خروج موسكو من معادلة التوازن الاستراتيجي العالمي مع واشنطن والتي حكمت علاقتهما لاكثر من اربع عقود من الزمن. فالدبّ الروسي الذي استنزف عسكريا واقتصاديا في المستنقع الافغاني في ثمانينات القرن الماضي وجد نفسه يتراجع ويتقهقر امام توغل وتغوّل النسر الامريكي في مناطق نفوذه القديم ابتداء من اوروبا الوسطي والشرقية مرورا بدول البلطيق ووصولا الي الجمهوريات الاسلامية في آسيا الوسطي ومنطقة القوقاز، الحديثة الاستقلال والقابلة للاختراق الغربي عموما والامريكي خصوصا. غير انه يصعب فهم السعي الامريكي الدؤوب لفرض وبسط نفوذه في وسط آسيا ومنطقة بحر قزوين ذات الاهمية الحيوية للامن القومي الامريكي ومحاولة القضاء علي ما تبقي من الامبراطورية السوفييتية بترويض موسكو بدون الاخذ بالاعتبار تصاعد وتيرة التنافس والصراع بين عدد من الدول الكبري وعلي راسها الولايات المتحدة والصين وروسيا حول التحكم والسيطرة علي موارد الطاقة، وخاصة منها النفط والغاز الطبيعي التي تزخر بهما آسيا الوسطي واللذان يمثلان العامل الجغراسياسي الرئيسي والمحوري الذي يحظي باولوية متقدمة في عمليات التخطيط الاستراتيجي والعسكري للقوي العظمي.

الجغرافيا السياسية للطاقة
في منطقة آسيا الوسطي

تعدّ آسيا الوسطي المتكونة من كل من تركمنستان، اوزباكستان، كازاخستان، قرغزيستان وطاجيكستان مصدرا مهما للطاقة، خاصة وان تقديرات وزارة الطاقة الامريكية تشير الي ان هذه المنطقة وبحر قزوين المتاخم لها يحتويان علي ثاني اكبر احتياطي للنفط بعد الخليج العربي (17،6 مليار برميل) والاول للغاز الطبيعي في العالم (65 تريلون قدم مكعبة) . ورغم ان الاحتياط النفطي قد لا يرقي لمخزون دول الخليج والشرق الاوسط وشمال افريقيا، غير انه يظل ذا جودة وقادرا ان يقدم بديلا عملياتيا للطاقة في القرن الواحد والعشرين اذا ما انخفضت معدلات انتاج النفط في اماكن اخري من العالم لاسباب سياسية، كما انه يتوقع بحلول 2015 انكماش وتراجع الاحتياطات النفطية لبحر الشمال والاسكا. بيد ان آسيا الوسطي ستكون مرشحة لتصدير اكثر من اربعة ملايين برميل يوميا، اي ما يعادل الصادرات اليومية لكل من العراق والكويت معا.
الا ان احد المشاكل الرئيسية التي تواجه آسيا الوسطي هو غياب التواصل الجغرافي مع العالم الخارجي. ان المنطقة تكاد تكون محاصرة ومعزولة وحبيسة موقعها الجغرافي، اذ يحدها من الشمال الرافد الروسي، ومن الشرق هضاب بامير، ومن الغرب بحر قزوين المغلق، ومن الجنوب مجموعة من العوائق الطبيعية المكونة من الجبال والاراضي الشاسعة. يضاف الي كل ذلك حواجز سياسية تتمثل في مناطق مشحونة بالاضطرابات الداخلية ذات الطابع الاثني والديني مما يجعل حالة عدم الاستقرار السمة الرئيسية لهذه المنطقة. كل هذه العوامل تقف حائلا امام تدفق مصادر الطاقة من وسط آسيا الي الاسواق الدولية حيث الحاجة الماسة لها مما يجعل اغلب هذه البلدان معرضة للمزايدة والابتزاز من قبل القوي العظمي النافذة في هذا الجزء من العالم خاصة منها الولايات المتحدة والصين وروسيا التي تسعي جاهدة للسيطرة علي خطوط امداد النفط الي الاسواق العالمية. وفي هذا السياق تزايدت اهمية كازاخستان وتركمنستان كمنتجان رئيسيان للنفط والغاز في آسيا الوسطي بالاضافة الي اذربيجان، وهي دولة قوقازية مطلة علي بحر قزوين. اذ اصبحت تنظر هذه الدول الي مواردها وثرواتها الطبيعية وصناعاتها النفطية كوسيلة اساسية لضمان استقلالها الاقتصادي والسياسي تجاه موسكو التي تحاول بشتي الطرق استعادة مجد القياصرة والحفاظ علي بعض ارث الاتحاد السوفييتي الذي تلاشي واندثر كقطع الدومينو بعد تهاوي المنظومة الشيوعية الاشتراكية في تسعينات القرن الماضي.
غداة استقلال هذه الدول كثفت واشنطن من حملتها الدبلوماسية محاولة اقناع هذه البلدان بفتح حقولها امام استثمارات الشركات النفطية الغربية والامريكية منها خاصة. ويمكن تفسير اهتمام واشنطن باعادة هيكلة وتاهيل القطاع النفطي لآسيا الوسطي وبحر قزوين بان هذه الاحتياطات تأتي من خارج الاطار التقليدي لمنظمة اوبك . لهذا السبب فهي تحظي باهمية سياسية واولية اقتصادية من قبل الولايات المتحدة التي تسعي الي تقليص اعتمادها الي اقصي حد ممكن علي النفط الشرق اوسطي وذلك بتنويع مصادر استيرادها للطاقة. يضاف الي ذلك ان الجزء الاكبر من نفط هذه المنطقة مخصص للتصدير، حيث ان الاحتياجات الاستهلاكية المحلية لآسيا الوسطي قليلة ويتوقع ان تستمر علي هذه الوتيرة. كما ان عامل الافتقاد الي رؤوس الاموال والتكنولوجيا اللازمة لعمليات البحث والتنقيب عن الموارد النفطية والغازية يفتح هذا القطاع الحيوي امام الشركات الامريكية التي تمثل راس جسر تثبت من خلاله واشنطن مصالحها الاستراتيجية في آسيا الوسطي من خلال عملية تموقع جيوستراتيجية تمكنها من السيطرة علي هذه المصادر الجديدة والهامة للطاقة وذلك باخراج الدول المنتجة من دائرة النفوذ الروسي ومحاولة احتواء التحركات الصينية التي تستهدف زيادة نفوذها وتواجدها في هذه المنطقة، خاصة وان التصرف الامريكي يندرج في اطار اعتراف واشنطن لمنافسيها في آسيا الوسطي باعتـــبارات وهواجس الامن الشرعية ولكنها ترفض في الآن نفسه الاعتراف بمجالات ومناطق النفوذ.

صراع الاستراتيجيات في منطقة آسيا الوسطي

ان الارتفاع المتواصل لسعر برميل النفط منذ احداث الحادي عشر من ايلول/ سبتمبر 2001، والذي تجاوز حاجز السبعين (70) دولارا في منتصف 2006، تزامن مع احتدام التنافس بين كل من واشنطن وموسكو وبيكين حول المشاريع النفطية في منطقة آسيا الوسطي وهو ما اصطلح بتسميته استراتيجية لعبة الانابيب . ففي هذا الاطار توخت الولايات المتحدة منذ اواخر التسعينات من القرن الماضي سياسة تقوم علي اقصاء روسيا من مسار انابيب النفط والغاز المتجهة غربا انطلاقا من بحر قزوين. وقد دخل هذا المشروع حيز التنفيذ سنة 2002 بعد اربع سنوات من الجدل بشأنه، بسبب ما قيل عن آثاره السلبية علي سلامة البيئة ورفض البنك الدولي تمويله، فضلا عن التهديدات الناجمة عن عوامل عدم الاستقرار السياسي والامني للمناطق التي يمر منها هذا الانبوب في كل من اذربيجان وجورجيا وتركيا. وقد استمر بناء انبوب باكو- جيهان اكثر من ثلاث سنوات وتم افتتاحه رسميا في ايار/ مايو 2005 ويضخ يوميا اكثر من مليون برميل، اي حوالي 1،4 % من الانتاج العالمي للنفط. ومع ربط بحر قزوين بميناء جيهان التركي علي الساحل الشرقي للبحر المتوسط، دخل هذا المشروع المرحلة الثانية والهامة والتي تسعي الي الربط بين بحر قزوين وكل من كازاخستان وتركمنستان لتمكينهما من فضّ الارتباط نهائيا مع خطوط الامداد الروسية، لان واشنطن لم تكن ترغب يوما في رؤية نفط آسيا الوسطي وقزوين يتدفق الي اوروبا الغربية عبر الاراضي الروسية وبالتالي اعطاء موسكو درجة من السيطرة علي امدادات الطاقة وكذلك عدم القبول بنقله عبر الاراضي الايرانية جنوبا بموجب قانون الحظر الذي يمنع التعامل مع طهران في هذا المجال.
في الجانب الآخر تهتم روسيا بالتصدي لمحاولات تحييدها من دائرة نفوذها التقليدي وتري في ارتفاع الاستثمارات في آسيا الوسطي وبحر قزوين تآكلا وتراجعا لوضعها الجغراسياسي والذي جاء كنتيجة لخروج موارد هذه المنطقة عن سيطرتها. وفي محاولة من موسكو لوضع حدّ لهذا التقهقر حاولت قيادة الكرملين تقوية اطار كومنولث الدول المستقلة، لكن بدون جدوي. لذلك بدات استراتيجية موسكو تاخذ منعطفا جديدا قائما علي التفاهم والتوافق مع الاطراف المتنافسة معها مثل ايران التي اوكلت لها مهمة احتواء الدول المطلة علي بحر قزوين خاصة منها اذربيجان وكازاخستان. كما انخرطت روسيا مع الصين في استراتيجية تهدف الي تحجيم دور الولايات المتحدة في هذه المنطقة من خلال استخدام منظمة شنغهاي للتعاون الاقليمي التي تضم روسيا والصين واوزبكستان وقرغزيستان وكازاخستان وطاجيكستان وكل من ايران وباكستان والهند بصفة مراقبين. وتجدر الاشارة هنا الي ان روسيا القيصرية ثم السوفييتية لم تستخدم في الماضي مواردها الطبيعية كالغاز والنفط لخدمة مصالحها القومية. فهذه الثروات كان ينظر لها علي انها وسيلة لتغطية احتياجات موسكو من العملة الصعبة، غير ان دخول قوي دولية عظمي الي مجالها التقليدي جعل روسيا اكثر وعيا واحساسا للدور الجغراسياسي الذي يمكن للطاقة ان تلعبه. وعلي رغم المحاولات الامريكية لتهميش الهيمنة الروسية علي الثروات الطبيعية لآسيا الوسطي في قطاع النقل بالانابيب فانه لا تزال شركة غازبروم (Gazprom) الروسية تهيمن علي قطاع نقل الغاز في آسيا الوسطي دون منازع. وعليه لا يمكن اخراج روسيا بسهولة من معادلة الطاقة القائمة في هذه المنطقة منذ انتهاء الحرب الباردة، خاصة وان موسكو تمكنت من الاحتفاظ بعلاقات تقليدية مع هذه الدول مبنية علي المصالح المشتركة وثوابت الجغرافيا وحقائق التاريخ وذلك رغم التوجهات الغربية لمعظم هذه الدول.
ومثلها مثل روسيا، تنظر الصين الي آسيا الوسطي باعتبارها مصدرا مهما للطاقة في المستقبل. وفي هذا السياق شرعت الصين في توطيد علاقاتها مع معظم دول آسيا الوسطي ببعث العديد من المشاريع الاستثمارية في مجالات الطاقة والبنية التحتية. فعلي سبيل المثال وليس الحصر تمكنت الصين من مدّ خط انابيب نفط بينها وبين كازاخستان، علما ان خطا مماثلا للغاز يجري انشاؤه حاليا بين الدولتين. والجدير بالذكر ان هذا التوجه الصيني الجديد في هذه المنطقة جاء كنتيجة لتغير وضع الصين من دولة مصدرة للنفط الي دولة مستوردة له تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة حيث ترتفع احتياجاتها بنسبة 5 % سنويا. وتتطلع الصين الي لعب دور المنافس للولايات المتحدة علي الساحة الدولية علي المدي المنظور ساعية الي تامين ايراداتها النفطية لمواكبة حمي الحراك الاقتصادي الذي يتجسد بنسبة نمو اقتصادي غير مسبوق تتجاوز 9 % سنويا. فضلا علي ان الصين تعلمت الدرس من احتلال العراق حيث رات في هذه الحرب محاولة من واشنطن للاستئثار بمنابع النفط في العالم مما حدا بالصين الي تبني ردة فعل تجسدت في اختراقاتها المتتالية لدوائر النفوذ التقليدية لواشنطن في كل من امريكا اللاتينية والخليج العربي وذلك بعقدها صفقات نفطية مع كل من فنزويلا وايران والمملكة العربية السعودية. كما تعتبر الصين احد المساهمين في خط انبوب باكو- جيهان. زد علي ذلك الجهود الصينية الرامية الي تطوير التعاون مع كل من روسيا والهند في مجال الطاقة والاستفادة من الموارد الطبيعية التي توفرها منطقة سيبيريا الروسية.
ان موارد الطاقة المنتشرة في آسيا الوسطي والقوقاز تعيد رسم الخريطة الجغراسياسية لمنطقة اوراسيا (Eurasia)، وهو ما كان تنبأ به الدكتور زبيغنيو بريجنسكي (Zbigniew Brzezinski)، مستشار الامن القومي السابق للرئيس كارتر في كتابه الذي نشره سنة 1997 بعنوان رقعة الشطرنج الكبري (The Grand Cheboard). فالتحكم في منابع الطاقة وخطوط الامداد، كما جاء في تحاليل بريجنسكي سيكون المحدد الرئيسي للمستقبل السياسي والاقتصادي لدول آسيا الوسطي والضابط لعملية اعادة ترتيب اولويات المثلث الاستراتيجي الذي يدير زواياه الثلاث النسر الامريكي والدب الروسي والتنين الصيني.
الانتشار العسكري الامريكي وآفاق الصراع السياسي داخل دول آسيا الوسطي
يعتبر 11 ايلول /سبتمبر 2001 نقطة التحول الرئيسية في تكثيف التواجد العسكري الامريكي في آسيا الوسطي. فحتي هذا التاريخ كان هذا التواجد مقتصرا علي عدد من الاتفاقات الثنائية التي تتمحور حول بعض المساعدات العسكرية، والتي تطورت فيما بعد لتشمل اقامة قواعد عسكرية في كل من قرغيزستان واوزبكستان في اطار ما سمي بالحرب الكونية علي الارهاب (Global War on Terror) . ورغم ان الخطة الاساسية تقضي باعتبار هذه المنشآت قواعد مؤقتة، فانها تمثل اساسا للتواجد العسكري الامريكي الدائم بوسط آسيا. فهذه الاخيرة باتت بحكم قربها الجغرافي من افغانستان منطقة لا يمكن الاستغناء عن خدماتها. وياتي هذا الانتشار تلبية للاحتياجات الجيوستراتيجية الامريكية والتي بدات تاخذ شكل البحث عن قواعد صغيرة وعملياتية بدلا من القواعد الكبيرة والدائمة كما كانت عليه ابان الحرب الباردة. ففي عملية ملء الفراغ في المناطق التي كانت خاضعة للهيمنة الروسية، وجدت الولايات المتحدة بحاجة الي اسناد لوجيستي جديد، وتسهيلات وقواعد اخف واكثر ملاءمة للتحديات الامنية الجديدة، ومصممة للتناسب مع التكتيكات والتكنولوجيا العسكرية الحديثة التي روج لها العديد من المسؤولين الامريكيين وعلي راسهم وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد الذي اوصي بضرورة بناء هذه القواعد في مناطق جغرافية استراتيجية وحيث يكون لواشنطن انظمة واصدقاء، ونخب سياسية يمكن الاعتماد عليها عند الضرورة.
المعلوم ان اول تعاون عسكري برز في المنطقة كان بين الولايات المتحدة واوزبكستان، حيث عقد الطـــرفان في تشرين الاول / اكتوبر 2001 اتفاقية يســمح بمقتضـــاها لواشنـــطن باستعمال الاراضي الاوزبكــية في اطـــار عملياتها العسكرية في افغانستان وذلك بمنح القـــوات الامريكية معـــاملة سياديّة تتمــتع بموجبها هذه القوات بحرية مطلقة في التحرك خارج اطار الرقابة من قبل الدولة المضيفة. وتحتفظ الولايات المتحدة في اوزبكستان بقاعدة تيرمس (Termez) المتاخمة للحدود الافغانية والتي ينتشر فيها 1000 عسكري امريكي ينتمي معظمهم الي الفرقة الجبلية العاشرة (US. Army 10th Mountain Division) وهي وحدة مختصة في العمليات القتالية في المناطق الجبلية الوعرة وفي ظروف مناخية صعبة. واوكل الي هذه الكتيبة القيام بمهمات البحث والانقاذ والاسناد اللوجيستي واعمال الصيانة. وتتواجد بهذه القاعدة وحدات من سلاح الجو الامريكي ومن القوات الخاصة تستخدم في عمليات قتالية داخل الاراضي الافغانية. وقد خسرت واشنطن فرصة استغلال القاعدة العسكرية في كارشي-خاناباد (Karshi-Khanabad) في اوزبكستان علي اثر اغلاقها من قبل الرئيس اسلام كريموف الذي تعرض الي انتقادات لاذعة من قبل الحكومة والمنظمات الحقوقية الامريكية التي اتهمته بانتهاك صارخ لحقوق الانسان وباعطـــائه الاوامر لقوات الامن الاوزبكية باطلاق النار دون ســابق انذار علي تجمع ضم آلافا من المدنيين بمدينة انديــشان في ايار / مايو 2005. والجدير بالذكر ان كريموف نجح في تسخير شبح الخطر الاسلاموي من اجل تدعيم حكمه، لكن واقع الامر ان الاسباب المباشـــــرة لهذه الانتفاضة تعود الي عاملي البطش والاستبداد المهيـــمنين علي اجـــهزة الدولة الاوزبكية. فمــعظم دول وسط آسيا عـــلي غـــرار ما يحــــدث في المنطــقة العربية، تدار عن طريق ثلاثيــة الاستـــبداد الحديدي (Iron trinity of Authoritarianism) والتي تتمحور حول العناصر التالية :
- مجموعات الاستـئثار بثروات الشعوب (Busine Oligarchy)
- الامــــنـــوقــــــراطـــيــــات
(Security and Intelligence Aaratuses)
- سلطة تنفيذية مهيمنة علي الحياة السياسية (Strong Executive Power)
لقد حدت التجربة الاوزبكية بالولايات المتحدة الي توخي سياسة الحذر تجاه هذه الانظمة الاستبدادية وذلك بمحاولة الفصل بين مصالحها الجيوستراتيجية في المنطقة والشأن الداخلي لهذه الدول، فاغلب المختصين الامريكيين في شؤون آسيا الوسطي يعتقدون ان علي واشنطن التعامل بواقعية مع الوضع السياسي السائد في آسيا الوسطي بدون التضحية بالمصالح الامريكية، فمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان من منظور امريكي اذا رفعت الي مصاف المصالح الآنية فربما تؤدي الي الاضرار بهكذا مصالح.
يبدو ان واشنطن قد استوعبت الدرس الاوزبكي بمحاولة النأي بنفسها عن اي تدخل في الشؤون الداخلية لهذه البلدان، خاصة وان روسيا والصين تتربصان بها للحلول محلها في حال انسحابها عسكريا من هذه المنطقة.
في قرغيزستان، البلد الاكثر فقرا في آسيا الوسطي، والذي تتأرجح فيه الحياة السياسية منذ آخر انقلاب في آذار/ مارس 2005 بين ازمة واخري، اخذت واشنطن موضع المراقب والمتابع للاحداث رافضة الزج بنفسها في الشان الداخلي وكرست جهودها في تدعيم وجودها العسكري في قاعدة مناس الموجودة في المطار الدولي للعاصمة بشكيك (Manas International Airport). وتكمن اهمية هذه القاعدة في مركزيتها الجغرافية والجيوستراتيجية، فهي علي مرمي حجر من الحدود الصينية (500 كلم ) وتفصلها عن افغانستان مسافة تقدر بـ 650 كلم.
ويتـــواجد بهذه القاعدة 3000 عسكري امريكي و6 مقاتلات F/A-18 وبعض الاســـراب من طـائرات النقل C-130 وC-17 وكــذلك طائرات التزويد بالوقود KC-135 كما تحتفظ فرنسا ب 6 طائرات ميراج مقاتلة (Mirage Fighter). وتحمل هذه القاعدة اسم Airbase Ganci نسبة لقائد مجموعة مطافئ مدينة نيويورك والذي لقي حتفه في احداث 11 ايلول /سبتمبر 2001.
وسواء اكتسبت القواعد الامريكية في آسيا الوسطي وضعا دائما او مؤقتا، فالولايات المتحدة ستكون في موقع يمكنها من استخدام القوة العسكرية اذا لزم الامر، فآسيا الوسطي وبحر قزوين ليسا اكثر استقرارا من الخليج العربي، وتطوير وسط آسيا ليكون البديل لمنابع النفط والغاز الشرق اوسطي، لا قيمة له اذا لم يكن مقترنا بضمانات عسكرية تؤمن تدفق موارد هذه المنطقة نحو الاسواق العالمية. فالصراع علي آسيا الوسطي تجاوز اطاره التاريخي الذي انحصر آنذاك في ثنائية التنافس الدموي بين الامبراطوريتين الروسية والبريطانية خلال القرن 19 والتي اطلق عليها منظرو الجغراسياسة اللعبة الكبـــري . ففي بداية القرن 21 ارتفع عدد اللاعبين وتصـــاعدت معه قيمة الرهان المتمثلة في امن الطاقة.

ہ استاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون
والخبير في شؤون الامن والدفاع

Aucun commentaire: